تكون الجيش الاحتياطي
حين يزيد من أعباء العمل وينخفض من مستوى حياة العمال حتى الحدود الفيزيولوجية الممكنة ودونها، يصبح الاستغلال الرأسمالي شبيها باستغلال العبيد والأقنان في أسوأ لحظات تدهور هذين النمطين الاقتصاديين، أي عشية زوالها. غير أن ما ولده الإنتاج السلعي الرأسمالي وكان مجهولا تماما في كل العهود السابقة، هو بطالة العمال، أي عدم استهلاكهم، بوصف تلك البطالة ظاهرة دائمة، وهو ما يطلق عليه اسم الجيش الاحتياطي من العمال. إن الإنتاج الرأسمالي يتعلق بالسوق ويتوجب عليه السير تبعا لسير الطلب. وهذا الطلب يتغير باستمرار مولدا على التوالي ما يطلق عليه اسم سنوات ومواسم وشهور الأعمال الطيبة والسيئة.
وعلى الرأسمال أن يتأقلم باستمرار مع هذا التغيير ويشتغل بالتالي أعدادا من العمال تقل حينا وتزيد حينا. وعليه، لكي يكونوا ممتلكا على الدوام الكمية الضرورية من قوة العمل التي تستجيب لمختلف درجات متطلبات السوق، عليه أن يُبقي في الاحتياط على عدد كبير من العمال غير المستخدمين، إلى جانب أولئك الذين استخدمهم. والعمال غير المستخدمين لا يتلقون أجرا لأن قوة عملهم غير مباعة، بل هي موجودة كاحتياطي، أما عدم استهلاك جزء من قوة العمل فإنه جزء لا يتجزأ من قانون الأجور في الإنتاج الرأسمالي.
أما كيف يمكن لهؤلاء العاطلين عن العمل أن يعيشوا فأمر لا يعني الرأسمالي على الإطلاق، فهو يقاوم كل محاولة لإلغاء جيش الاحتياط بوصفها تهديدا لمصالحه الحيوية الخاصة. وأزمة القطن الإنكليزية التي حدثت في العام 1863 تعطينا المثل الصارخ على هذا الواقع. فحين أرغم نقصان القطن الأمريكي الخام الحائكين والنساجين الإنكليز فجأة على وقف إنتاجهم بحيث وجد مليون عامل أنفسهم من دون خبز، قرر قسم من العاطلين الهجرة إلى استراليا هربا من المجاعة. وطلبوا من البرلمان الإنكليزي تخصيص مليون ليرة إنكليزية لتمكين 50 ألف عامل عاطل عن العمل من الهجرة. يومها استثار هذا الطلب العمالي صرخات الاستهجان التي أطلقها صانعو القطن. فالصناعة لا يمكنها أن تعيش من دون آلات، والعمال كالآلات يجب أن يتوفر احتياطي منهم. كان من الواضح أن «البلد» ستحمل خسارة 4 ملايين ليرة لو أن العمال العاطلين والجائعين هاجروا على الفور وبالنتيجة رفض البرلمان تخصيص أموال للهجرة وظل العاطلون في وضعهم يشكلون الاحتياطي الضروري لرأس المال. وثمة مثل صارخ آخر زودنا به الرأسماليون الفرنسيون في العام 1871. فبعد سقوط الكومونة، كانت المجازر التي تعرض لها العمال الباريسيون، تبعا للشرائع وخارجها أيضا، كانت من الضخامة بحيث أنها أدت إلى مقتل عشرات ألوف البروليتاريين، الذين كان معظمهم من خيرة العمال وأنشطهم ومن نخبة الطبقة العاملة، أمام مقتل كل هذه الأعداد من العمال، شعر أصحاب العمل، بعد أن استجابوا لظمأهم للثأر، شعروا بالقلق أمام فكرة نقصان «اليد العاملة» الاحتياطية، الذي قد تكون له آثاره على رأس المال، خاصة وأن الصناعة كانت في طريقها، آنذاك وبعد نهاية الحرب، لتعرف ازدهارا كبيرا في أعمالها. ولهذا عمد عدد كبير من المقاولين الباريسيين للقيام بمساع أمام المحاكم من أجل تخفيف ملاحقة أعضاء الكومونة، وانقاذ أصحاب اليد العاملة من السلطات المدنية، لإعادتهم إلى أحضان الرأسمال.
إن لجيش العمال الاحتياطي، بالنسبة إلى رأس المال، وظيفة مزدوجة: فهو من جهة يزوده بقوة العمل وفي حال حدوث انطلاقة مفاجئة للأعمال، ومن جهة ثانية تأتي المنافسة التي يقوم بها العاطلون لتمارس ضغطا مستمرا على العمال المستخدمين وتخفض أجورهم حتى الحدود الدنيا. ويميز ماركس في جيش الاحتياط أربع شرائح تختلف وظيفتها بالنسبة إلى رأس المال ولها شروط حياة مختلفة عن بعضها البعض. ففي الشريحة العليا هناك عمال الصناعة الذين يتعطلون عن العمل لفترات منتظمة وهم موجودون حتى في أفضل المهن، ووضعهم كأفراد دائم التغير لأن كل عامل منهم يكون عاطلا عن العمل في فترة ما، ثم يستخدم خلال فترات أخرى، أما عددهم فيتغير كثيرا تبعا لسوق الأعمال فيكون كبيرا للغاية في زمن الأزمات وضعيفا حين تتحسن الظروف وهو عدد لا يختفي أبدا بصورة تامة بل يزيد تبعا لتقدم الصناعة. الشريحة الثانية تشكلها جمهرة البروليتاريين غير الموصوفين الذين يتدفقون من الريف إلى المدن، وهؤلاء يتقدمون إلى سوق العمل بمطالب بالغة التواضع ولا يكونون مرتبطين بأي فرع صناعي خاص، هم باختصار يشكلون احتياطي اليد العاملة الصالح لكل أنواع الصناعة. الشريحة الثالثة يشكلها بروليتاريون من مستوى منخفض لا يقومون بأعمال منتظمة ويعيشون على الدوام حالة سعي وراء عمل موسمي. ولدى هذه الشريحة نعثر على أطول أيام العمل وعلى أكثر الأجور انخفاضا. وبهذا المعنى تكون هذه الشريحة مفيدة وضرورية لرأس المال بقدر ما تكون الشريحة العليا مفيدة وضرورية. والعمال المنتسبون إلى هذه الشريحة يأتون غالبا من بين العمال الفائضين عن الصناعة والزراعة ولاسيما من أوساط العمل الحرفي المتدهور وفي الأعمال الثانوية التي تكون في طريقها إلى الزوال. ومن المعلوم أن هذه الشريحة تشكل أساس الصناعات المنزلية وتعمل بين الكواليس خلف المسرح الرسمي للصناعة. إنها لا تنحو أبدا للزوال بل هي على العكس من هذا أبدا في ازدياد أولا لأن تأثير الصناعة على المدينة وعلى الريف يسير في هذا الاتجاه، وثانيا لان لها دائما أكبر نسبة ولادة.
أما الشريحة الرابعة بين شرائح جيش الاحتياط البروليتاري فتتألف من «الفقراء» الحقيقيين الذين ينقسمون على فريق قادر على العمل. وتستخدمهم الصناعة والزراعة جزئيا في فترات ازدهار الأعمال، وفريق غير قادر على العمل يتألف من عمال كبار في السن لم يعد بامكان الصناعة استخدامهم ومن أرامل البروليتاريين ويتاماهم وأولئك الذين يتشوهون واقعين ضحية للصناعة الكبرى وللمناجم الخ. وهناك أخيرا أولئك الذين فقدوا عادة العمل وتحولوا على متشردين. وأبناء هذه الشريحة هم الذين يتحولون مباشرة إلى البروليتاريا الرثة: بما فيها من مجرمين وعاهرات. يقول ماركس إن الإفقار يشكل مأوى الطبقة العاملة والثقل الأساسي لجيشها الاحتياطي. ووجود هذا الإفقار يتحدد بالضرورة عن وجود جيش الاحتياط تماما كما أن هذا الجيش ينحدر عن تطور الصناعة. إن الفقر والبروليتاريا الرثة يشكلان جزءا من شرط وجود الرأسمالية نفسها ويزيدان بزيادتها: وبقدر ما تكون الثروة الاجتماعية والرأسمال وجمهرة العمال المستخدمين من هذا الرأسمال كبارا بقدر ما تكون كبيرة شريحة العاطلين عن العمل الموجودين في الاحتياط، أي جيش الاحتياط. وكلما كان جيش الاحتياط كبيرا بالنسبة إلى جمهرة العمال المستخدمين، كلما كانت كبيرة شريحة الفقر الدنيا والإفقار والجريمة. إن جمهرة العمال غير المستخدمين أي الذين لا يقبضون أجرا وكذلك شريحة العمال العاطلين موسميا من بين أبناء الطبقة العاملة، يزيدون عددا مع ازدياد الرأسمال والثروات وذلكم هو، كما يقول كارل ماركس «القانون العام والمطلق للتراكم الرأسمالي»[1] .
لقد كان تشكل شريحة دائمة ومتنامية من العاطلين أمرا مجهولا في ظل أشكال المجتمع السابقة. فلدى الجماعة المشاعية البدائية كان من البديهي لكل إنسان أن يعمل، بقدر ما كان يتوجب عليه أن يعمل، لكي يتمكن من إعالة نفسه بنفسه، جزئيا انطلاقا من حاجته المباشرة، وجزئيا بفعل ضغط السلطات الأخلاقية والاجتماعية لدى القبيلة ولدى الجماعة. لأن كل أعضاء المجتمع يتمتعون بوسائل العيش. أما نمط الحياة لدى الجماعة المشاعية البدائية فكان متدنيا وبسيطا للغاية كما كانت شروطه بدائية للغاية. وبقدر ما كانت هناك وسائل عيش كانت تلك الوسائل تتوفر بالتساوي للجميع أما الفقر بالمعنى الراهن للكلمة، أي الحرمان من الوسائل المتوفرة في المجتمع، فكان مجهولا. كانت القبيلة البدائية كلها تشعر بالجوع، من وقت لآخر أو غالبا، حين لا تكون الشروط الطبيعية ملائمة، أما حرمانها فكان حرمانا للمجتمع بوصفه مجتمعا، أما حرمان جزءٍ من أعضاء المجتمع في مواجهة رفاه جزء آخر فكان أمرا غير وارد على الإطلاق، فحين كانت المؤن متوفرة لجميع أعضاء المجتمع، كانت تتوفر لكل واحد من هؤلاء الأعضاء.
وفي العبودية الشرقية والقديمة كان الأمر نفسه. فمهما كان العبد العام المصري والعبد الخاص اليوناني، مشتغلا ومقهورا، ومهما كان حجم الهوة التي تفصل بين المستوى الهزيل لعيش العبد ورفاهية سيده، كان وضعه كعبد يضمن له وجوده على أي حال، لم يكن العبيد يُتركون للموت جوعا، تماما كما أن لا أحد يترك حصانه أو ماشيته تموت جوعا. والأمر كان هو نفسه في زمن القنانة القروسطية: كان نظام التبعية الإقطاعية (حيث يرتبط الفلاح بالأرض التي يزرعها وحيث كان كل إنسان سيدا على آخرين، وخادما في الوقت نفسه لسيد أو لسيدين معا) كان هذا النظام يحدد لكل واحدٍ موقعا معينا. ومهما تعرض الأقنان للقمع لم يكن للسيد الحق في طردهم من الأرض أي حرمانهم من أدوات عيشهم. وكانت العلاقات الإقطاعية تجبر السيد على مساعدة الفلاحين أيام الكوارث والحرائق والأعاصير. الخ. وهذا الوضع لن يتغير إلا عند نهاية العصور الوسطى حين بدأت الإقطاعية تتهاوى وبدأت الرأسمالية الحديثة في الظهور. في العصور الوسطى كان بقاء جمهرة العمال مضمونا. صحيح أنه قد تشكلت في ذلك العصر جماعة صغيرة من البائسين والمتسولين نمت بفضل الحروب العديدة واختفاء الثروات الفردية، غير أن إعالة هؤلاء البائسين كانت تعتبر واجبا من واجبات المجتمع. ولنذكر هنا أن الإمبراطور شارلمان كتب في «الأوامر العليا»: «وفيما يتعلق بالمتسولين الذين يشردون في البلاد نريد من كل واحد من نبلائنا أن يُطعم الفقراء، أما في مركزه الرئيسي وإما في منزله، وأن لا يسمح لهم بالتسول في أماكن أخرى». وفي وقت لاحق صار من عمل الأديرة الاهتمام بإيواء الفقراء وإعطاؤهم عملا يقدرون عليه. في العصور الوسطى كان كل محتاج ضامنا حصوله على استقبال جيد في كل منزل فإعالة الفقراء كانت واجبا والفقير لم يكن يجابه بالاحتقار الذي يجابه به المتسول حاليا.
إن التاريخ يعرف حالة واحدة حُرمت فيها شريحة بأسرها من السكان من العمل ومن الخبز، وهي الحالة التي ذكرناها سابقا عن ملاهي روما القديمة الذين فردوا في أراضيهم وتحولوا إلى بروليتاريين لا يملكون أي عملا على الإطلاق.ولقد كانت بلترة الفلاحين نتيجة لتشكل الإقطاعيات الفلاحية الكبيرة (اللاتيفونديا) وازهار العبودية، تلك البلترة لم تكن ضرورية لوجود العبودية والملكيات الكبيرة. فالبروليتاري الروماني غير المستخدم كان يعتبر تعاسة لا أكثر ولا أقل. كان يعتبر عبئا جديدا على المجتمع الذي كان يحاول إصلاح الأمور عبر توزيع منتظم للأراضي وللمؤن وعبر تنظيم عمليات استيراد كثيفة للحبوب، وعبر تخفيض كمية تلك الحبوب. في نهاية التحليل كانت تلك البروليتاريا عالة على الدولة في روما القديمة.
إن الإنتاج السلعي الرأسمالي هو أول شكل اقتصادي في تاريخ البشرية يعتبر فيه غياب العمل ووسائل العيش بالنسبة إلى شريحة كبيرة ومتعاظمة من السكان وفقر شريحة أخرى، متنامية كذلك، ليس فقط نتيجة الاقتصاد، بل أيضا ضرورة من ضروراته وشرطا لوجوده. فعدم ضمان البقاء بالنسبة لجمهرة العمال كلها والحرمان المزمن أو فقر شرائح عريضة من السكان، تعتبر الآن وللمرة الأولى ظاهرة عادية من ظواهر المجتمع. إن العلماء البرجوازيين الذين لا يمكنهم تصور شكل آخر للمجتمع تمكنوا من فهم الضرورة الطبيعية لوجود العاطلين والبائسين لدرجة صاروا معها يرون في تلك الضرورة قانونا طبيعيا يتم بمشيئة الله. وفي هذا المجال بنى الإنكليزي مالتوس عند بداية القرن التاسع عشر نظريته الشهيرة حول فائض السكان، تلك النظرية التي تقول بأن الفقر يتأتى عن العادة السيئة التي تنتهجها الإنسانية وتقوم في زيادة النفوس بوتيرة أسرع من زيادة وسائل العيش.
إن هذه النتائج كلها تتمخض عن واقع الإنتاج السلعي وتبادل السلع. فقانون السلع هذا الذي يقوم شكليا على المساواة والحرية الناميتين، يؤدي تلقائيا، ومن دون تدخل القوانين أو القوة، وبالضرورة الحتمية، إلى تفاوت اجتماعي صارخ كان مجهولا في كل الحالات السابقة التي كانت تقوم على الهيمنة المباشرة لإنسان على الآخرين. فللمرة الأولى صار الجوع إعصارا يخبط يوميا في فضاء حياة الجماهير العاملة. وثمة من يزعم بأن في الأمر قانونا طبيعيا. ففي العام 1786 كتب الراهب الانغليكاني توزند يقول: «يبدو أن ثمة قانونا طبيعيا يشاء للبائسين أن يعيشوا ضمن مستوى بؤس يجعلهم على الدوام جاهزين للقيام بأشق الأعمال وأقذرها وأكثرها ابتذالا في المجتمع. ومن جراء هذا زادت أسس السعادة الإنسانية كثيرا، فالأشخاص الأكثر رهافة تحرروا على هذا النحو من العمل الشاق وصار بإمكانهم أن يقوموا بالمهام الأكثر أهمية من دون انزعاج. أما قانون البائسين فإنه ينحو إلى تحطيم التناسق والجمال، وتوازن هذا النظام الذي أقامه الله والطبيعة في العالم».
إن القوم «الرهيفين» الذين يعيشون على حساب الآخرين رأوا دائما في كل شكل اجتماعي يضمن لهم لذائذ العيش كمُستغلين، أصبح الله وقانون الطبيعة. كذلك نرى أن أكبر العقول لا تفلت من هذا الوهم التاريخي. فقبل آلاف السنين من الراهب الانكليزي كتب المفكر اليوناني الكبير أرسطو يقول: «إن الطبيعة نفسها هي التي خلقت العبودية والحيوانات تنقسم إلى ذكور وإناث. الذكر هو الحيوان أقل كمالا وهو الذي يقود. أما الأنثى فهي حيوان أقل كمالا وهي التي تطيع. ولدى الجنس البشري هناك الأمر نفسه: هناك أناس أدنى من الآخرين كما أن الجسد أدنى من الروح والحيوان من الإنسان: إنها كائنات لا تفيد إلا في الأعمال الجسدية وعاجزة عن إنجاز أي شيء أكثر كمالا. هؤلاء الأفراد وخلقتهم الطبيعة نفسها ليكونوا عبيدا وذلك لأن ليس لديهم ما هو أفضل من إطاعة الآخرين. على أي حال هل هناك فارق كبير بين العبد والحيوان إن أعمالهما متشابهة، وهما لا يفيداننا إلا عبر جسديهما. ولنستنتج من هذه المبادئ أن الطبيعة قد خلقت بعض الناس ليكونوا أحرارا وخلقت آخرين ليكونوا عبيدا. وإن خضوع العبد أمر مفيد وعادل».
غير أن «الطبيعة» التي جُعلت مسؤولة عن كل شكل من أشكال الاستغلال، صارت دون ريب فاسدة الذوق مع مرور الوقت. فحتى إذا كان يليق بها أن تفرض ذل العبودية على جمهرة شعبية لكي تجعلها تعيل شعبا حرا يتألف من فلاسفة وعباقرة من أشباه أرسطو، فإن التدهور الراهن لملايين البروليتاريين في سبيل ازدهار عدد من الصناعيين المبتذلين والكهنة المتخمين يبدو هدفا غير مغر كما ينبغي.
[1]. ماركس: (رأس المال)، الكتاب الثالث.