الشيوعية والأسرة |
كتبته: ألكسندرا كولونتاي
هل تحافظ الدولة الشيوعية على الأسرة ؟ هل ستبقى الأسرة في شكلها الراهن ؟ – هذا سؤال يجول في خاطر العاملات ويثير اهتمام رفاقهن العمال. هذه هي المشكلة التي كانت تشغل بال النساء العاملات في الآونة الأخيرة. ولا عجب، فالحياة تتغير أمام أعيننا. والعادات والتقاليد السابقة تزول تدريجيا. وكل حياة الأسرة البروليتارية يعاد تنظيمها بطريقة جديدة كل الجدة، طريقة غير مألوفة، لا بل « غريبة »، لم يكن بإمكاننا أن نتنبأ بها من قبل. والذي يزيد في حيرة النساء أن الطلاق بات في روسيا السوفييتية أسهل مما كان من قبل. والواقع أن الطلاق لم يعد امتيازا للأغنياء بعد صدور مرسوم « مجلس مفوضي الشعب » في 18 كانون الأول (ديسمبر) 1919. لم تعد المرأة العاملة مضطرة لأن تقدم العرائض والالتماسات طوال الأشهر أو حتى السنوات للحصول على ترخيص يخولها التحرر من زوج متوحش أو سكير يقضي معظم وقته في ضربها وإهانتها. من الآن فصاعدا، بات بالإمكان الحصول على الطلاق، حبيا، بالتراضي، خلال مهلة لا تتعدى الأسبوع أو أسبوعين. لكن هذه السهولة في الحصول على الطلاق، التي تشكل مصدر أمل كبير لنساء شقيات في حياتهن الزوجية، تزرع الخوف، في الوقت ذاته، بين فئة من النساء اعتادت اعتبار الرجل « ربا للأسرة » وسندها الوحيد في الحياة – نساء لم تدرك بعد أنه صار يجب البحث عن هذا السند ليس في شخص الرجل وإنما في شخص المجتمع والدولة.
لا حاجة لأن نضلل أنفسنا: الأسرة المعروفة لدينا مند القدم، حيث الرجل كل شيء والمرأة لا شيء – لأنها مسلوبة الإرادة، لا مال خاصا بها ولا وقت تتصرف به بملء إرادتها، هذه الأسرة آخذة بالتحول يوما بعد يوم. وهي تكاد تصبح من مخلفات الماضي. ولكن لا حاجة لأن يخيفنا هذا الأمر. البعض مستعد لأن يصدق أن كل ما هو حولنا أبدي أزلي سرمدي، لا يحول ولا يزول. هذا الاعتقاد مصدره الخطأ أو الجهل. الحقيقة أن كل ما هو حولنا يتغير باستمرار. « هكذا كانت الأمور، وهكذا ستبقى » – ليس أكثر تضليلا من هذه الحكمة ! يكفي أن نقرأ كيف عاش أسلافنا لندرك فورا أن كل شيء عرضة للتغيير، وأنه ليس ثمة من عادات أو مؤسسات سياسية أو أعراف وقيم أخلاقية تبقى جامدة ولا تتغير، والحال أن الأسرة تغيرت بتغير أطوار حياة البشر. وقد كانت في الماضي مختلفة كليا عما هي عليه الآن. في الماضي، كان الناس يظنون أن هناك شكلا وحيدا طبيعيا للأسرة. وهو الأسرة النسكية، أي الأسرة التي تترأسها الجدة التي يتحلق حولها – في حياة وعمل جماعيين – أولاد وأحفاد وأحفاد الأحفاد. وفي مرحلة ثانية من التاريخ، ظن الناس أن الأسرة البطريركية هي الشكل الوحيد للأسرة. والأسرة البطريركية هي التي يرأسها الأب السيد عليها. إن هذا الشكل من أشكال الأسرة لا يزال الشكل السائد بين فلاحي الريف الروسي، والواقع أن القيم الأخلاقية والأعراف العائلية في الريف غيرها في المدن بين العمال. فالريف يحتفظ بعدد كبير من العادات والتقاليد التي اندثرت في أسرة بروليتاريي المدن. ثم إن أشكال الأسرة، وعاداتها وتقاليدها، تختلف باختلاف الأجناس البشرية. هناك شعوب كالأتراك والعرب والإيرانيين مثل، يجيز القانون عندهم للرجل بأن يتزوج أكثر من امرأة. كما أنه كان، ولا يزال، يوجد قبائل تمارس العادة المناقضة تماما – تلك التي تجيز للمرأة بأن تتزوج أكثر من رجل واحد. التقاليد الحالية تجيز للرجل أن يطالب ببقاء الفتاة عذراء إلى حين انعقاد الزواج الشرعي. غير أنه توجد قبائل، في المقابل، تفاخر المرأة فيها بكثرة عدد عشاقها، فتزين يديها وقدميها بخواتم بقدر عددهم. مثل هذه الممارسات التي لا تنفك تثير دهشتنا، والتي قد تذهب إلى حد اعتبارها منافية للأخلاق، قد تكون طقوسا مقدسة عند شعوب أخرى. ولو تسنى لهذه الشعوب أن تطلع على عاداتنا وتقاليدنا، لاعتبرتها كفرا وهرطقة. فلا حاجة إذن لأن يمتلكنا الذعر من كون الأسرة تتغير وتنفض عن نفسها آثار الماضي المندثر، مفسحة المجال أمام بناء علاقات جديدة بين المرأة والرجل. يكفي أن نسأل: « ما الذي لم يعد يماشي سنة التطور في نظام الأسرة ؟ وفي العلاقة بين العامل والعاملة، وبين الفلاح والفلاحة ؟ وما هي الحقوق والواجبات المتبادلة الأكثر ملاءمة لظروف الحياة في روسيا الجديدة، في روسيا العمالية ؟ ». وبناءا عليه، نستبقي كل ما يتلاءم مع الوضع الجديد. أما الحثالة التي تكدست خلال السنوات والتي أورثتنا إياها حقبات العبودية والسيطرة الكريهة اللتين مارسهما ملاك الأراضي والرأسماليون، فإننا سوف نكنسها في الوقت ذاته الذي نكنس فيه الطبقة المستغلة نفسها وسائر أعداء البروليتاريا والفقراء.
الرأسمالية تدمر الأسرة القديمة الأسرة، في شكلها الراهن هي أيضا وبكل بساطة من مخلفات الماضي. كانت في السابق وحدة صلبة متماسكة لا تنفرط – وهذه على كل حال مميزات الزواج الذي يباركه رجال الدين – كما أنها كانت ضرورية لجميع أعضائها. فبدون الأسرة، من يطعم ويكسو ويربي الأطفال ويرشدهم على دروب الحياة ؟ من هنا كان مصير اليتيم مصيرا حالكا في تلك الأيام. الزوج، في الأسرة المألوفة لدينا، هو الذي يعمل ويعيل زوجته وأطفاله. أما الزوجة، فإنها تعتني بالبيت وبتربية الأطفال (حسبما تفهم هي العناية والتربية). لكن هذا الشكل التقليدي للأسرة أخد يتلاشى تدريجيا في كل البلدان التي سيطر عليها رأس المال وحيث نمت المصانع وسواها من المنشآت التي تشغل اليد العاملة نموا فائق السرعة. وإذا العادات والتقاليد العائلية آخذة بالتحول مع تحول الظروف المعيشية. والذي أسهم أكثر من غيره في تغيير هذه العادات والتقاليد بطريقة جذرية هو بدون شك انخراط النساء في العمل المأجور على نطاق واسع. في السابق، كان الرجل هو وحده معيل الأسرة. ولكن خلال الخمسين أو الستين سنة الأخيرة، أخذ النظام الرأسمالي – في روسيا وقبلا في أقطار أخرى – يجبر النساء على الالتجاء للعمل المأجور خارج الأسرة، خارج البيت.
30 مليون امرأة تتحمل عبئا مزدوجا لما كانت أجرة الرجل « المعيل » لم تعد كافية لسد حاجات الأسرة، وجدت المرأة نفسها مجبرة على البحث عن عمل مأجور، واضطرت الأم إلى طرق أبواب المصانع. وسنة بعد سنة كان يتضاعف يوميا عدد النساء من أفراد الطبقة العاملة اللواتي غادرن منازلهن لتضخيم صفوف البروليتاريا الصناعية والعمل كمياومات وبائعات وسكرتيرات أو كغسالات وخادمات. ويتبين من إحصاء أجري في أوربا وأميركا قبل الحرب العالمية أنه توجد حوالي 60 مليون امرأة تعيش من عملها. وقد ارتفع هذا العدد خلال الحرب. نصف هذا العدد تقريبا يتكون من النساء المتزوجات. ولا يصعب تصور نوع الحياة العائلية التي تعيشها النساء العاملات. حياة تقضي منها الزوجة (والأم) 8 ساعات يوميا في العمل خارج البيت، لا بل 10 ساعات إذا أضفنا الوقت الذي تقضيه على الطريق ! فبديهي أن تهمل بيته، وأن ينشأ أطفالها محرومين من رعاية الأم، مهملين ومعرضين لشتى الأخطار التي تحدق بهم في الأزقة حيث يقضون معظم أوقاتهم. الزوجة والأم العاملة ينشف دمها وهي تجهد للاضطلاع بثلاث مهام في آن واحد: بذل ساعات العمل الضرورية، مثلها مثل زوجها، في مؤسسة صناعية أو تجارية، ثم تكرس ما تستطيعه من وقتها للعمل المنزلي، وأخيرا تصرف الباقي من الوقت لرعاية أطفالها. هكذا ينوء كاهل المرأة بالأعباء في ظل الرأسمالية التي حولتها إلى عامل مأجور دون أن تخفف عنها أعباء العمل المنزلي والأمومة. فنجدها مسحوقة تحت عبء مثلث لا يطاق، يستثير عندها أحيانا صيحة ألم مخنوقة أو يحمل الدمع إلى عينيها. لقد قدر دوما للمرأة أن تعتني بالآخرين. ولكن ما من فترة كانت فيها المرأة أسوء حالا وأتعس حظا مما هي عليه الآن حيث ترزح ملايين النساء العاملات تحت نير الرأسمالية. هذا في حين تشهد الصناعة فترة ازدهارها الكبرى...
العمال يتعلمون الاستغناء عن الأسرة مع زيادة انخراط النساء في العمل المأجور، يزداد تفكك الأسرة. تعسا لها من حياة عائلية تلك التي يعمل فيها الرجل وزوجته في قسمين مختلفين من مصنع واحد ! تعسا لها من حياة عائلية لا تملك الزوجة فيها الوقت الكافي لطبخ وجبة طعام لائقة لابنها ! وبئس الحياة العائلية عندما يتعذر فيها على الزوجة والزوج انتزاع بضعة دقائق يقضيانها مع أولادهما من أربعة وعشرين ساعة يستهلك معظمها في العمل الشاق ! كان الأمر مختلفا كليا في ما مضى. فالأم، ربة المنزل، تلازم منزلها وتعنى بشؤونه وشؤون أولادها الذين تغمرهم بعطفها ورعايتها. أما اليوم، فالمرأة العاملة تهرول إلى عملها عندما تزعق صفارات المصنع مع طلوع الفجر، وتعود مهرولة في المساء، عندما تزعق الصفارات ثانية، لكي تهيئ الحساء للأسرة وتقوم بالأعباء المنزلية الملحة لتبدأ يومها الجديد بعد ساعات نوم قليلة. وهكذا دواليك. إن حياة المرأة العاملة المتزوجة كناية عن أشغال شاقة حقيقية ! فلا عجب إذن، إذا بدأت أواصر الأسرة تتفكك في مثل هذا الوضع. فالقواعد الراسخة وعوامل التلاحم التي كانت في الماضي تجعل من الأسرة وحدة متماسكة آخذة بالتلاشي تدريجيا. والأسرة لم تعد من الضروريات لأفرادها أو للدولة. وأشكال الأسرة القديمة باتت مجرد معوقات في وجه التطور. ما هو سر تماسك الأسرة القديمة ؟ أولا، كان الزوج، أو الأب، هو معيل الأسرة. ثانيا، كان المنزل من الضروريات بالنسبة لكافة أفراد الأسرة على حد سواء. ثالثا وأخيرا، كان الأهل يربون أولادهم فعلا، ما الذي تبقى من كل ذلك اليوم ؟ لقد رأينا كيف أن الزوج لم يعد هو المعيل الوحيد للأسرة. فزوجته التي تشتغل هي أيضا باتت مساوية له على هذا الصعيد. فهي تكسب معيشتها الآن، وتكسب أحيانا معيشة أطفالها وزوجها. فلا يبقى من وظيفة الأسرة سوى تربية الأطفال وإعالتهم في الصغر. يبدو أن الأسرة قادرة على الاستغناء عن هذه الوظيفة أيضا.
في الماضي كانت المرأة الفقيرة، في المدينة والريف، تقضي كل حياتها في كنف الأسرة، تجهل كل ما يجري خلف عتبة دارها، لا بل إنها نادرا ما كانت تواقة إلى المعرفة، على كل حال. وكتعويض عن ذلك، كانت المرأة تؤدي في بيتها مهاما ضرورية ومتنوعة تنفع الأسرة والدولة في آن معا. كانت المرأة تؤدي كافة المهام التي تؤديها حاليا أية امرأة عاملة أو فلاحة: تطبخ وتغسل وتنظف البيت وتكوي وترتق الثياب. ولكن لم يكن عملها يقتصر على ذلك، فقد كانت تؤدي مهاما لم تعد تؤديها المرأة المعاصرة كأن تغزل الصوف والكتان وتحيك الأجواخ والقماش وتصنع الجوارب وأشرطة الزينة. كذلك كانت تصنع المخلل (الكبيس) وتدخن اللحوم بالقدر الذي تسمح لها به مواردها المادية، وتستخرج المشروبات للبيت، وتصب الشموع. ما كان أكثرها واجبات المرأة في تلك الأيام ! هكذا قضت أمهاتنا وجداتنا حياتهن. وحتى في أيامنا هذه، لا زلت تجد، في بعض القرى النائية في أقاصي الريف بعيدا عن الطرقات والأنهر الكبيرة، جيوبا لا زالت تحتفظ بنمط الحياة القديم هذا بكل نقاوته، حيث ربة المنزل تنوء تحت ثقل أعباء أعفيت منها المرأة العاملة في المدن والمراكز الصناعية المكتظة بالسكان مند زمن بعيد.
على أيام جداتنا، كان هذا العمل المنزلي عملا بالغ الأهمية والضرورة يتوقف عليه رفاه الأسرة كلها. وبالقدر الذي كانت تجتهد فيه ربة المنزل في أداء مهامها، بقدر ما كانت حياة البيت منتظمة ومزدهرة. حتى الدولة أفادت من نشاط المرأة كربة منزل. فالمرأة في تلك الأيام لم تكن تكتفي بطبخ حساء البطاطا لها ولأسرتها، وإنما كانت تصنع عدة منتجات مثل الجوخ والخيوط والزبدة، الخ... وهذه كلها يمكن بيعها في السوق حيث تتحول إلى سلع، أي إلى أشياء ذات قيمة. صحيح أن عمل جداتنا وأمهاتنا لم يكن يثمن بالمال. لكن جميع الرجال، أكانوا فلاحين أم عمالا، كانوا يبحثون عن امرأة « يداها من ذهب »، كما يقول المثل. لأن موارد الرجل وحده، بدون « عمل المرأة المنزلي »، ليست كافية لبناء بيت زوجي مزدهر. في ذلك الحين، كانت مصالح الأمة والدولة تلتقي مع مصالح الزوج. فبقدر تمسك المرأة بالأسرة بقدر إنتاجها لشتى المنتجات من نسيج وجلد وصوف يباع الفائض منها في السوق، فتسهم بذلك في ازدهار البلد الاقتصادي.
إن الرأسمالية قد غيرت كل نمط الحياة هذا. وكل ما كانت تنتجه الأسرة صارت تنتجه المشاغل والمصانع. وحلت الآلة محل أنامل المرأة الرشيقة. فأية ربة بيت تشغل نفسها الآن في صب الشموع أو غزل الصوف أو نسج الجوخ في وقت يمكن فيه شراء كل هذه الحاجيات في الحانوت المجاور ؟ وهل شاهدتم صبية تصنع جواربها بنفسها ؟ أولا، لا وقت لديها لذلك. فالوقت من ذهب. ومن منا يريد هدر المال بطريقة غير مجدية دون أن يجني منه أي ربح ؟ إن ربة المنزل، التي هي امرأة عاملة في الوقت ذاته، تشتري جواربها في السوق بدلا من أن تضيع وقتها في صنعها. وقليلات هن النساء العاملات اللواتي يصرفن وقتا في تخليل الخيار أو صنع المحفوظات في وقت يبيع فيه البقال المجاور المخللات والمحفوظات على أنواعها. وعلى الرغم من أن المنتوج الذي يبيعه البقال قد يكون أدنى من حيث النوعية، والمصنوعات الخارجة من المصنع ليست في جودة المحفوظات التي تصنعها ربة المنزل، فإن المرأة العاملة لا تملك الوقت ولا القدرة على القيام بهذه العمليات كلها. إنها عامل مأجور أولا بأول، يضطرها عملها المأجور إلى إهمال عملها المنزلي. ومهما يكن من أمر، فالأسرة في وضعها الراهن آخذة في الانعتاق تدريجيا من مختلف الأعباء المنزلية – هذه الأعباء التي كانت جداتنا لا تتخيلن الأسرة خالية منها. وما كانت تنتجه الأسرة في الأمس بات ينتجه الآن الجهد المشترك للعمال والعاملات في المصانع والمشاغل.
إن الأسرة باتت تستهلك الآن ولا تنتج. والأعباء الرئيسية التي تقوم بها ربة المنزل هي: شؤون النظافة (مسح الأرض ونفض الغبار، والتدفئة، والعناية بالإضاءة، الخ) والطبخ (تحضير الغذاء والعشاء) والغسيل والاعتناء ببياض وثياب الأسرة (رتق الثياب وما شابه). وهذه أعباء مرهقة مؤلمة تستغرق كل وقت وتستنفذ كل قوة المرأة العاملة المضطرة إلى بذل ساعات عمل طويلة في المصنع. ولكن الأكيد أن المهام التي كانت جداتنا تقوم بها كانت أكثر تنوعا. وبالإضافة لذلك، كان عمل جداتنا يتميز بميزة بات يفقدها العمل المنزلي للنساء العاملات، وهو أن النساء فقدن فائدتهن بالنسبة للدولة (من منظار مساهمتهن في الاقتصاد الوطني)، ذلك أن العمل الذي يقمن به لا ينتج أي قيم جديدة ولا يسهم في ازدهار البلد. عبثا تقضي المرأة العاملة يومها بأكمله من الصباح للمساء وهي تنظف البيت وتغسل وتكوي الثياب هادرة كل حياتها في جهود لا متناهية لرتق الثياب المهترئة أو لتحضير الطعام، حسب الموارد المتواضعة المتوافرة لديها، دون أن ينتهي يوم عملها هذا إلى أي نتيجة مادية. لأنها لا تنتج، بأيديها التي تعمل بلا كلل، أي شيء يمكن اعتباره سلعة في السوق التجاري. وحتى لو عاشت المرأة العاملة ألف سنة، فإن الأمر لن يتغير بالنسبة لها. سيبقى ثمة طبقة من الغبار يجب نفضها عن الرف، وسيبقى زوجها يأتي إلى البيت جائعا عند المساء ويبقى أطفالها يحملون الوحل على أحذيتهم. وهكذا فمع الأيام يصبح عمل ربة المنزل أكثر فأكثر تفاهة وأقل وأقل إنتاجا.
إن المنزل الافرادي قد جاوز حده. وها إن العمل الجماعي يحل محله تدريجيا. وإن المرأة العاملة سوف تدرك، عاجلا أم آجلا، أنها ليست بحاجة لأن تعتني بمنزلها بنفسها. ففي مجتمع الغد، في المجتمع الشيوعي، سوف يقوم بهذا العمل فئة متخصصة من النساء لا يقمن بعمل سواه. إن نساء الأغنياء قد تحررت منذ سنوات من هذه الأعباء السقيمة المرهقة. فلماذا يجب على المرأة العاملة أن تستمر في أدائها ؟ في روسيا السوفييتية، يجب أن تحاط حياة المرأة العاملة بنفس الجو من الراحة والإشراق والصحة والجمال كالذي لا يزال يحيط، حتى الآن بحياة نساء الطبقات الغنية. فلا تضطر المرأة في المجتمع الشيوعي إلى قضاء ساعات فراغها – النادرة مع الأسف – في الطبخ لأن المجتمع الشيوعي سوف يوفر المطاعم العامة والمطابخ المركزية التي يحق للجميع ارتيادها. هذه المؤسسات تتكاثر في كافة الأقطار، حتى تلك التي لازال يسيطر عليها النظام الرأسمالي. والواقع أنه طوال نصف القرن الأخير، كان عدد المقاهي والمطاعم في جميع مدن أوربا يتزايد يوما بعد يوم، فإذا بها تنبت وتتكاثر كالفطر بعد مطر الخريف. هناك ظل ذوو الجيوب المحشوة بالمال وحدهم القادرين على ارتياد مثل هذه المطاعم. أما في المجتمع الشيوعي فيصبح بمقدور أي كان أن يتناول وجبة الطعام في المطاعم والمطابخ المركزية. وما ينطبق على الأكل ينطبق على الغسيل وغيره من الأعباء. لن تكون المرأة العاملة مضطرة لأن تغرق في مستنقع من القذارة أو أن تفقد بصرها من جراء رتق الجوارب أو إصلاح البياضات. لا بل إنها سوف تحمل هذه الحاجيات إلى المغاسل المركزية كل أسبوع، وتخرجها أيضا كل أسبوع مغسولة ومكوية. هذا عبء إضافي سوف يزاح عن كاهل المرأة العاملة. كذلك فإن المحلات الخاصة لرتق وإصلاح الثياب سوف تسمح للمرأة العاملة بأن تقضي أمسياتها في القراءات المفيدة والاستجمام الصحي بدلا من أن تقضيها في الكدح المضني. لذلك فإن الأعباء الأربعة المذكورة التي لا تزال ترهق نساءنا سوف تزول في ظل النظام الشيوعي الظافر. ولا شك في أن المرأة العاملة لن تذرف دمعة واحدة على زوالها. وهكذا يكون المجتمع الشيوعي قد حطم النير المنزلي الرازح على المرأة لكي يجعل حياتها أغنى وأكمل وأسعد وأكثر امتلاء بالحرية.
تربية الأطفال في ظل الرأسمالية ما الذي يبقى من الأسرة بعد زوال أعباء العمل المنزلي الفردي ؟ تبقى تربية الأطفال. هنا أيضا تهب دولة الرفاق الكادحين لنجدة الأسرة. فيحل المجتمع تدريجيا محل الوالدين. إن تربية الأطفال في ظل الرأسمالية لم تعد مهمة يضطلع بها الوالدان. فالأطفال يتلقون تعليمهم في المدرسة. وما إن يبلغ الطفل سن الدراسة حتى يبدأ أهله يتنفسون بحرية أكبر. فنمو طفلهم الذهني لم يعد أمرا يعنيهم. إلا أن هذا لا ينهي طبعا مسؤوليات الأسرة تجاه الطفل. تبقى مهمة إطعامه وتأمين كسوته وتحويله إلى عامل ماهر ونزيه قادر على الاعتماد على نفسه، عندما تدعو الحاجة، وعلى إعالة أهله في شيخوختهم. غير أنه نادرا ما استطاعت أسرة عمالية أن تضطلع بهذه المسؤوليات تجاه أولادها. فأجور الأهل منخفضة لا تسمح بإطعام الأولاد حتى الشبع، وندرة أوقات الفراغ لا تمكن الأهل من بذل الوقت والاهتمام الكافيين لتربية الجيل الطالع. فكانت الأسرة مضطرة إلى أن تتولى تربية أولادها بنفسها. ولكن، هل كانت تربيهم فعلا ؟ الواقع أن الشارع هو الذي يربي أطفال البروليتاريا. وهؤلاء يجهلون راحة الحياة العائلية وأفراحها، تلك التي كنا نحن ننعم بها في كنف آبائنا وأمهاتنا. ثم إن انخفاض أجور الأهل وانعدام الضمانات، لا بل المجاعة، غالبا ما تدفع بابن البروليتاري إلى أن يصبح بدوره عاملا مستقلا قبل بلوغه سن العاشرة. وما أن يبدأ الولد (سيان أكان صبيا أم بنتا) بإعالة نفسه حتى يعتبر أنه بات سيد نفسه إلى درجة يبطل معها مفعول كلمات ونصائح أهله عليه، وتتقلص سلطتهم وتنتهي طاعته لهم. مع اضمحلال أعباء الأسرة، الواحد تلو الآخر، يحل المجتمع محل الأهل في تنفيذ واجبات الإعالة والتربية. والواقع أن الأطفال غالبا ما شكلوا، في ظل الرأسمالية، عبئا ثقيلا لا يطاق على الأسرة البروليتارية.
في هذا المجال أيضا يهب المجتمع الشيوعي لمساعدة الأهل. لقد خطت روسيا السوفييتية – بفضل جهود مفوضيتي التربية العامة والشؤون الاجتماعية – خطوات هامة وحققت المنجزات العديدة في مجال التخفيف من أعباء الأسرة ومجال تربية وإعالة الأطفال. توجد بيوت للرضعاء وحضانات نهارية ورياض، ومخيمات للأطفال والأهل، ومستوصفات، ومنتجعات صحية للأطفال المرضى، ومطاعم، وطعام مجاني في المدارس، وكتب مدرسية مجانية، وملابس دافئة للشتاء وأحذية للأطفال في المؤسسات التعليمية. ألا تكفي كل هذه للتدليل على أن الطفل لم يعد عبئا على الأسرة وإنما بات المجتمع هو الذي يتولى رعايته ؟ كان اهتمام الأهل بأطفالهم يشمل ثلاثة مجالات: 1) الاعتناء بالرضيع، 2) تربية الطفل، 3) تعليمه. أما بالنسبة لتعليم الأطفال في المدارس الابتدائية والثانوية والجامعات، فإن هذا واجبا ملقى على عاتق الدولة، حتى في المجتمع الرأسمالي. إن تراكم الأعباء على الطبقة العاملة ونوعية ظروف معيشتها قد فرضا على المجتمع الرأسمالي إنشاء الملاعب والحضانات والرياض للأطفال. ومع تنامي وعي العمال لحقوقهم وتوطد تنظيماتهم في دولة معينة، تنامى اهتمام المجتمع بإعفاء الأسرة من أعباء رعاية الأطفال. غير أن المجتمع البرجوازي كان يخاف التمادي في تلبية مصالح الطبقة العاملة كيلا يسهم في تقويض أركان الأسرة نفسها. فالرأسماليون أنفسهم يدركون أن الأسرة القديمة، حيث المرأة مستعبدة للرجل المسؤول عن إعالة الأسرة ورفاهه، هي أفضل سلاح لخنق تطلع البروليتاريا نحو الحرية، وإخماد الروح الثورية عند العمال والعاملات على حد سواء. فالانشغال بأمور الأسرة تفقد العامل عزيمته وتجعله يساوم مع رأس المال. وأي شيء لا يفعله أب أو أم عند رؤية أطفاله يتضورون جوعا ؟ المجتمع الرأسمالي عاجز عن تحويل تربية الناشئة إلى وظيفة اجتماعية فعلية، إلى وظيفة من الوظائف التي تضطلع بها الدولة. أما المجتمع الشيوعي، في المقابل، فإنه يعتبر أن التربية الاجتماعية للجيل الطالع هي أساس قوانينه وأعرافه وحجر الزاوية في البنيان الجديد. إن إنسان مجتمع الغد لن يولد بالتأكيد من أسرة الأمس، التافهة الضيقة، بما تنطوي عليه من نزاع بين الوالدين واهتمامها الأناني بأولادهما دون سائر الأولاد. إن إنساننا الجديد، في المجتمع الجديد، يولد في رحم التنظيمات الاشتراكية كالمنتزهات والحدائق والرياض والمخيمات وغيرها من المؤسسات حيث يقضي الطفل القسط الأوفر من وقته ويتولى مربون كفؤون تحويله إلى شيوعي يعي عظمة الشعارات المقدسة، شعارات التضامن والروح الرفاقية والتعاون المتبادل والإخلاص للحياة الجماعية.
مع زوال أعباء التربية والتعليم، وخاصة بعد إعفاء الأسرة من القسط الأوفر من الأعباء المادية الناجمة عن إنجاب الأطفال، لا يبقى من واجبات الأسرة تجاه أطفالها سوى رعاية الطفل الرضيع عندما يكون بحاجة لرعاية الأم وهو في طور تعلم المشي والتعلق بثياب أمه. لن يثقل كاهل الأم الصبية بعد الآن بعبء رعاية أطفالها ! فالدولة العمالية تعتبر أنه من واجبها أن تؤمن المعيشة للأم أكانت متزوجة زواجا شرعيا أم لا، ما دامت هي التي ترضع الطفل. وسوف تنشيء دور الأمومة في كل مكان، وتبني الحضانات النهارية في كل المدن والقرى، فتسمح بذلك للمرأة بأن تخدم الدولة بطريقة مجدية وأن تمارس دورها كأم في آن واحد.
لنطمئن الأمهات العاملات: إن المجتمع الشيوعي لا يرمي إلى انتزاع الطفل من حضن أمه ولا الرضيع من على ثدييها. ولا هو ينوي تدمير الأسرة بواسطة العنف. ثقوا من أننا لسنا نضمر أيا من هذه النوايا ! ليست هذه أهداف المجتمع الشيوعي. و لكن ما الذي نشاهده اليوم ؟ نشاهد الأسرة القديمة آخذة بالانحلال. وقد أخذت تتحرر تدريجيا من كافة الأعباء المنزلية التي كانت بالأمس تشكل دعائم تماسك الأسرة كوحدة اجتماعية. وماذا عن الأطفال ؟ إن الأهل البروليتاريين ليسوا قادرين أصلا على الاعتناء بهم ولا على تأمين معيشتهم وتعليمهم. وهذا وضع يعاني منه الأهل والأبناء على حد سواء. لذا يخاطب المجتمع الشيوعي العمال والعاملات ويقول لهم: « لا زلتم في ربيع العمر، وأنتم تحبون بعضكم بعضا. إن السعادة حق للجميع. فعيشوا حياتكم ولا تنفروا من السعادة. ولا تخشوا الزواج مع أنه كان قيدا على العامل والعاملة، في المجتمع الرأسمالي. والأهم من كل ذلك أن لا تترددوا، وأنتم شبان ممتلئون صحة وعافية، في أن تمنحوا الوطن عمالا وأطفالا مواطنين جدد. فإن مجتمع العمال بحاجة إلى قوى عاملة جديدة، وهو يرحب بمجيء كل طفل جديد إلى العالم. ولا حاجة لأن تقلقوا على مستقبل أطفالكم. فإنهم لن يعرفوا البرد والجوع ولا البؤس والإهمال. كما كان الحال في المجتمع الرأسمالي. فما أن يولد الطفل، حتى يؤمن المجتمع الشيوعي، حتى تؤمن الدولة العمالية للأم وطفلها ما يحتاجانه من غذاء وعناية. إن الوطن الشيوعي سوف يتولى إطعام الطفل وتربيته وتعليمه. لكنه لن ينتزع الطفل من كنف أهله، بأي حال من الأحوال، إذا كانوا يريدون الإسهام في تربية أولادهم بأنفسهم. إن المجتمع الشيوعي سوف يضطلع بكامل واجباته في مجال تربية الأطفال. إلا أنه لن يحرم أحدا من أفراح الأبوة أو حنان الأمومة إذا ثبت أنه قادر على فهمها وتقديرها قدرها الصحيح. » فهل يمكن اعتبار ذلك تدميرا للأسرة بواسطة العنف ؟ وهل يمكن اعتباره انتزاعا قسريا للطفل من حضن أمه ؟
مهما يكن من أمر، فلا مفر من الاعتراف بالحقيقة القائلة أن الأسرة من النمط القديم قد تجاوزها الزمن. والمسؤول عن ذلك ليس المجتمع الشيوعي، وإنما هو تغير ظروف الحياة. لم تعد الأسرة ضرورية للدولة كما كانت بالأمس. لا بل إنها أسوء من مجرد مؤسسة عديمة الجدوى، لأنها تمنع النساء العاملات من القيام بعملهن بمزيد من الإنتاجية والجد. ولم تعد الأسرة ضرورية لأفرادها أنفسهم، لأن مهام تربية الأطفال، وقد كانت بالأمس ملقاة على عاتق الأسرة، أخذت تنتقل الآن إلى عاتق المجموع. ولكن على أنقاض الأسرة السابقة سوف يبنى شكل للعلاقات بين الرجل والمرأة جديد كليا: اتحاد عاطفي – رفاقي يقوم على المساواة بين مواطنين من أبناء المجتمع الشيوعي في ممارسة حريتهما واستقلالهما وعملهما. لقد انتهى عهد عبودية المرأة المنزلية ! انتهى عهد انعدام المساواة داخل الأسرة ! وانقضى زمن كانت المرأة يتهددها فيه الخوف من أن تبقى بدون معيل، هي وأطفالها، إذا ما هجرها زوجها، فالمرأة في المجتمع الشيوعي لن تعتمد بعد الآن على زوجها، وإنما سوف تعتمد على عملها. ولن يعيلها زوجها، وإنما ساعداها القويان. ويزول القلق على مصير الأطفال. لأن الدولة العمالية ستكون مسؤولة عنهم. ثم إن الزواج سوف يُطهّر من كافة مقوماته المادية وأثقاله المالية التي كانت تشكل لطخة عار في الحياة العائلية حتى الآن. فمن الآن وصاعدا سوف يتحول الزواج إلى اتحاد سام بين نفسين متحابين، كل منهما يثق بالآخر – اتحاد يوفر لكل عامل وعاملة الحد الأقصى من السعادة والرضى. هذا ما يستحقه مواطنون يعرفون أنفسهم ويعون البيئة المحيطة بهم. وهذا الاتحاد الحر، المتين بفضل الروح الرفاقية التي تسوده، هو البديل عن العبودية العائلية الماضية الذي يقدمه مجتمع الغد الشيوعي إلى الرجال والنساء على حد سواء. وما أن تتغير ظروف العمل وتتزايد الضمانات المادية المتوفرة للعاملات، وبعد أن يزول الزواج الديني – الذي كان يسمى « زواجا لا ينفصم » ليتضح أنه خدعة لا غير – ويحل محله اتحاد حر نزيه بين الرجال والنساء، بوصفهم عشاقا ورفاقا في آن معا، فإن كارثة إضافية مخزية تبدأ بالاضمحلال، ويزول شر مخيف كان يشكل لطخة عار في جبين الإنسانية جمعاء، غير أنه ينوء بكل ثقله على المرأة الكادحة الجائعة بشكل خاص – عنينا به البغاء.
إن البغاء هو ابن النظام الاقتصادي السائد وابن مؤسسة الملكية الفردية. وما أن تلغى هذه المؤسسة، حتى تزول تجارة النساء من تلقاء نفسها. من هنا، فلا يخيفن المرأة العاملة أن الأسرة، في شكلها الراهن، سائرة إلى زوال، لا محالة. فالأحرى بها أن تحيي انبلاج فجر مجتمع جديد، يحرر المرأة من العبودية المنزلية، ويخفف عنها أعباء الأمومة، ويمهد السبيل أخيرا أمام إلغاء البغاء – أبشع النكبات التي بليت بها النساء. إن المرأة المدعوة للنضال من أجل القضية الكبرى – قضية تحرر البروليتاريا – ينبغي أن تدرك أن الدولة الجديدة لن تقبل بالانقسامات السخيفة من النمط الذي كان سائدا من قبل: « هؤلاء أطفالي أنا. وأولئك أطفالك أنت أو أطفال الجيران. وأنا لست معنية بهم. تكفيني مصائبي ». إن الأم العاملة، الواعية لدورها الاجتماعي، سوف ترتفع من الآن فصاعدا إلى مستوى لا فارق فيه بين ما هو لها وما هو ليس لها، فتدرك أن الأطفال هم أطفالنا نحن، أطفال الدولة الشيوعية، وأنهم ملك مشترك لجميع الكادحين.
تحقيق المساواة الاجتماعية بين الرجال والنساء لا بد للدولة العمالية من أن توفر شكلا جديدا للعلاقات بين الجنسين. إن العاطفة الأنانية الضيقة التي تكنها الأم لأطفالها يجب أن تتسع لتشمل جميع أطفال الأسرة البروليتارية الواسعة. وعلى أنقاض « الزواج الذي لا ينفصم »، القائم على استعباد المرأة، سوف يقوم الاتحاد الحر بين الرجل والمرأة، يعززه الحب والاحترام المتبادلان بين مواطنين من مواطني الدولة العمالية، متساويين في الحقوق والواجبات. ومكان الأسرة الفردية الأنانية، سوف تقوم أسرة العمال الكبيرة الشاملة حيث الشغيلة، رجالا ونساء، هم فوق كل شيء أخوة ورفاق. هكذا ستكون العلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمع الغد الشيوعي. وهي علاقة ستضمن للإنسانية كافة المباهج التي يوفرها ما يسمى « الحب الحر »، عبر تحقيق المساواة الاجتماعية الحقيقية بين المرأة والرجل، وهي مباهج يعجز عن توفيرها المجتمع التجاري في ظل الرأسمالية. أفسحوا المجال أمام الأطفال المترعرعين، المتفجرين صحة وعافية ! أفسحوا المجال أمام شبيبة ممتلئة حيوية ونشاط، متعلقة بالحياة ومباهجها، حرة في مشاعرها وعواطفها ! تلك هي شعارات المجتمع الشيوعي. فباسم المساواة والحرية والحب نهيب بكافة العاملات والعمال والفلاحات والفلاحين أن يضطلعوا، بجرأة وإيمان، بمهمة إعادة بناء المجتمع البشري باتجاه مزيد من الكمال والعدالة، وزيادة قدرته على أن يؤمن للأفراد السعادة التي يستحقون. إن راية الثورة الاجتماعية الحمراء، التي تنطلق من روسيا لترفرف على بلدان أخرى في العالم، إيذانا لنا باقتراب « الجنة على الأرض » التي تحلم بها البشرية منذ قرون. |